تعليم زمان.. وتعليم الفشخرة!

تعليم زمان.. وتعليم الفشخرة!

كان الله في عون أولياء أمور الطلاب في هذا الزمان؛ فقد كثرت الهموم والأعباء وزادت المصاريف وفي المقابل لا يجدون مردودًا لهذه المتاعب؛ خريجين بلا عمل ولا رؤية للمستقبل؛ كنا زمان نتعلم في مدراس حكومية كانت هي الأصل والقاعدة وكانت هناك قلة قليلة تتعلم في مدراس خاصة وكانوا استثناء لا يظهر أي فوارق اجتماعية كما يحدث اليوم.. 

 

التعليم عندنا على كل شكل ولون؛ حكومي وخاص، لغات وعربي، أجنبي وتجريبي.. المحتوى مختلف والرسائل مختلفة والنتيجة ما نرى؛ خرجنا من التصنيف العالمي لجودة التعليم وحتى لو عدنا إليه فنحن في المؤخرة! 

 

محتوى التعليم يضعه كل وزير برؤيته ثم يأتي من بعده وزير آخر ليهدم أو ليغير ما بدأه سلفه؛ دون أن يبدى أسبابًا وكأن مصير أجيال وأجيال لا يستحق استراتيجية وطنية دائمة يسهر عليها مجلس أعلى لا تتغير قراراته بمجيء وزير ورحيل آخر! 

 

أصبحنا نقلد كل شيء ونعتقد أن ذلك هو التطور.. ليتنا نعود إلى تعليم زمان، ونتمسك بمحتوى تعليم جاد، ونبتعد عن مظاهر الفشخرة التي أفسدتِ التعليم.. 

 

زمان كان الجميع يتساوون في التعليم الجامعي، وخاصة في كليات القمة، يتزاملون في مدرج الكلية على أساس التفوق الدراسي في الثانوية العامة، من يتعب ويسهر يصل لما يريد ومن يتقاعس يجد نفسه خارج المنافسة، اليوم انتشرت الجامعات الخاصة والأهلية وتساوى الموهوب المتفوق بمتوسط الكفاءة أو حتى معدومها ليصبح الفريقان (المتفوق والبليد) زملاء في كلية طب أو هندسة مثلًا ما دام الأخير يمتلك المال والنفوذ! 

 

في المدارس الابتدائية زمان كان زي المدرسة مرايل مصنوعة من قماش “تيل نادية”، والحذاء من محلات «باتا»، بأسعار في متناول الجميع، أما في الإعدادية والثانوية، فكان الزي يتغير لكن خامات القماش كانت تناسب جميع المستويات.. 

 

أما الأدوات المدرسية فلم تكن كما هي اليوم مرهقة، ولا مبالَغًا فيها، إذ كانت معظم الكراسات والكشاكيل يتسلمها الطلاب مع الكتب المدرسية، أما الآن فبعد القلم والبراية والجلاد اخترعوا الـ «سبلايز ليست supplies list»، ولم تعد تقتصر على الكراسات والأقلام والألوان وأدوات الأنشطة، بل زادتِ القائمة لتضم، فوق ما سبق، مناديل ورقية ومعقِّمات، وغيرها وخصوصًا في المدارس الخاصة والدولية..وما أدراك ما الدولية! 

 

التعليم بات مرهقًا لأبعد حد، والمحصلة ثانوية عامة تراوح مكانها، وتسبب معاناة لأبنائها وامتحانات كثرت مشاكلها في الآونة الأخيرة وتنسيق غير عادل؛ فتقييم مستوى الطالب في بضع ساعات ليس كفيلًا وحده بتحقيق العدالة أو قياس المستوى خصوصًا مع انتشار الغش.. وارجعوا لنتائج بعض كليات القمة في بعض محافظات الصعيد في السنوات الأخيرة لتروا حقائق مذهلة يصر البعض على إغفالها..

 

صدقوني لن ينصلح التعليم إلا بتوحيد المنظومة وجعل أي قرار يخصها بيد مجلس أعلى لا يتدخل الوزير أي وزير في عمله، ليضع المناهج ويهتم بالمعلمين ويكمل النقص في صفوفهم ليس بمدرسي الحصة أو الاستعانة بأرباب المعاشات، بل بتعيين جيل جديد قادر على العطاء وصناعة الفارق!