في عالم اليوم: اللي ذاكر ذاكر!


كل المؤشرات تخبرنا بكل وضوح أننا نعيش في منطقة تتجه نحو الهاوية بسرعة لا تصدق. كل ما قيل منذ عقود عن قواعد الاشتباك وقدرة المساحات المغلقة على حل الخلافات انهار تماما في غضون أشهر في الشرق الأوسط وقبل ذلك في عالم يتصارع شرقه مع الغرب دون أي أفق منظور، حيث يمكن توقع التوصل إلى حل سلمي للصراع.

بعد الحرب العالمية الثانية، كان هناك اعتقاد واسع النطاق بين المحللين السياسيين بأن عصر الصراع واسع النطاق الخارج عن السيطرة قد انتهى وأن العالم قد تعلم درسا قاسيا من خلال دماء عشرات الملايين من الضحايا الذين يحلون سلميا عندما ينشأون. .

والمفارقة أن الدول الكبرى التي سيطرت على هذه المؤسسات كانت أول من تسلحت ووسعت قدراتها العسكرية، وكأنها تستعد للحظة انهيار الفكرة برمتها.

ومرت الأحداث والسنوات، وها نحن أمام واقع يوضح لنا بوضوح أننا ما زلنا في نفس النقطة التي تنفجر فيها الصراعات وتتصاعد وتتحول إلى حروب كبرى، بل وربما نكون على مشارف عالم ثالث. في حالة حرب، أو أننا نعيش فيها بالفعل.

وفي القاهرة، وعلى الرغم من اتفاق السلام الذي يعتبر أحد أهم أحداث القرن الماضي في العالم، إلا أن نفس الاعتقاد الذي دفع الدول الكبرى إلى تطوير أنظمة الردع لديها ساد بين المؤسسات والسلطات المصرية، وهو الاعتقاد الذي يقول إن فالعالم ليس مكانا آمنا لمن لا يملكون قوة الردع.

لقد كان الخيار المصري واضحا، خاصة في العقد الماضي. ولا يوجد مخرج من تطوير منظومة القدرات المصرية على كافة المستويات، وليس فقط المستوى العسكري. ولهذا السبب شهدنا أيضاً تطوراً غير مسبوق في تسليح القوات المسلحة، والقواعد العسكرية التي تم إنشاؤها بالتوازي مع المناورات التي تتم بانتظام للتدريب وصقل المهارات.

وفي الوقت نفسه، انطلقت خطة التنمية بأقصى سرعة، بغض النظر عن ظروف الحرب على الإرهاب. وفي قلب الخطة يأتي تحديث البنية التحتية لاستيعاب الاستثمار المحلي والأجنبي بما يعزز القدرات الاقتصادية، وهو أحد أسس الردع الأساسية.

كل هذا حدث قبل أن تطلق رصاصة واحدة في أي من الصراعات الدائرة حاليا في المنطقة أو العالم، ولكن كان هناك اعتراف مسبق بأن هذه اللحظة ستأتي لا محالة، ومن لم يستعد سيكون في ورطة كبيرة. ينصح.

كثيرًا ما نقول في العامية المصرية: “من يتذكر يتذكر”، وهذا صحيح تمامًا الآن في العالم. فمن يستعد يستعد، ومن يفوت الفرصة يواجه الآن مصيرًا مجهولًا بالمعنى الحقيقي للكلمة!

قد يهمك أيضاً :-